يعني أنّكِ في نظر الأغلبيّة السّاحقة "مهبلٌ مثقوبٌ يحمِلُ حقيبة"، هل صدمتكِ هذه الجُملة؟! أنا آسفة لأنّها الحقيقة... هذه الجملة قالتها لي في يوم من الأيام إحدى قريباتي، قالتها بألفاظ عامّية كتابتي لها حرفيّا يعتبر عيبا كبيرا، وقتها ضحكت جدّا لكنّ حين تحدّثت صباحا مع صديقتي الشاعرة والأديبة سارة خليفة، نقلت لي منشورا كتبه أحد الكتّاب عن الشّاعرات المطلّقات فتذكّرت هذه الجملة وتألّمت، تألّمنا معا وتشاكرنا أحزاننا بالكثير من الكلمات النّابيّة وغير الرّاقيّة كما يليق بهذا الواقع البخس. تبادلنا أغاني هوّاري منار الحزينة، ووعدتُها أن أكتب هذا المنشور، لأنّني "شاعرة مطلّقة شجاعة"...
فيا صديقتي الشّاعرة المطلّقة أو الأرملة، أنتِ ستحملين لقبا بشعا يُعتبر مسبّة كبيرة وهو لقب "هجّالة"، ستحملين اللّقب نفسه الذي تُنعَت به عاهرة من الدّرجة الأدنى، حتّى لو كنتِ مريم القدّيسة، سيزور منزلك أقارب لم يزورا بيتك من قبل، سيحاول أوّل من عليهم أن يصونوا عرضكِ، لمسَكِ بأيّ شكل من الأشكال، لأنّ الفكرة التي في أذهان الجميع هي أنّكِ صرتِ محرومة، ومحتاجة. سيطمع فيكِ العادي والبادي والمتزوّج والأعزب والشّيخ والكهل والغِرّ الصّغير والغبيّ والأحمق والكلب والخنزير، إذا كان لديكِ فايسبوك سيتّصلون بكِ مكالمة فيديو مباشرة لأنّه في أذهانهم أنتِ جاهزة دوما لتفتحي تلك الكاميرا، فأنتِ مطلّقة إذن أنتِ في خدمة الجميع. هذا وأنتِ مطلّقة عاديّة فماذا لو كنتِ مطلّقة وشاعرة وجميلة؟!
وقتها سيقولون أنّكِ كنتِ شاعرة عاديّة بعد أن تطّلقتِ صرتِ شاعرة خارقة هكذا بغير وجه حقّ لأنّه في نظرهم صرتِ تشعرين من تحت ملابسك الدّاخليّة، فمن تعوّد على القذارة من البديهيّ أن يراكِ بعينيه، ولو كنتِ نظيفة ستظهرين له وسخة، سيلتمّون حولكِ كالذّباب، حين يكتشفون أنّكِ لستِ قُمامة ينفضّون من حولك ويحاولون صنع سيناريوهات تُشوّهُكِ في ظهرك لأنّ: "العنقود الذي لا يستطيعون قطفه سيقولون عنه أنّه حامض"، هكذا إذا كنتِ شاعرة "هجّالة" ستجاهدينَ ماسحاتهم الضّوئيّة، ستتعلّمين مع الوقتِ تجاهلها، ستتألّمين من الدّاخل، طبعا ستتألّمين في البداية لكنّكِ ستعتادين على مجسّاتهم التي ستقيس تعاريجك كلّها، ستكذبين، ستداهنين، ستتغابين، وتتذاكين أحيانا، وإذا كنتِ طيّبة جدّا ونِيّة جدّا ستتعلّمين كيف تبقين يقِظة لكلّ كلمة، لكلّ حركة، لكلّ شيء، ففي عالم الأدباء ستختلطين بالسّوقة والدّهماء من صنف ذكور وإناث فليس من يظلم النّساء رجال فقط عزيزتي، ستحاربك أيضا اللّواتي فشلن في بقائهنّ بكامل ثيابهنّ حتى تتعرَّيْ مثلهنّ. قد تبكين على المنصّة وأنتِ تلقين قصيدة، ستتلّقين كمّا كبيرا من المناديل، نصيحتي أن تحملي علبة مناديل دوما في حقيبتك.
سيريدون معرفة أسرارك، نصيحتي كوني شفّافة جدّا حدّ الغموض. سيلتفّ حولك الأعدقاء فلا تجعلي الخيبة تتكرّر مرّتين.
في عالم الفايسبوك ستتعرّضين كثيرا لمنشورات تهين الشّاعرات الجميلات والمطلّقات، سيؤذيك التّعميم، لكن لا تكترثي فلطالما كان الاستثناء واحدا فقط، ستثورين مرّة ثمّ تنطفئين بماء العادة، هؤلاء يكتبون بحقدهم، وبأعضاء أخرى لا يملكون غيرها ليقولوا شيئا يُقرَأ، أنتِ تملكين قلبا ولو كان لا يقول شيئا يُذكَر أرجوكِ ابذلي جهدك لتحافظي عليه في مكانه، هناك يسارا، أعلى.. أعلى تذكّري هذا.. وتذكري أيضا أنّهم أغلبهم يؤرّخون جسدا لا فكرة وشتّان بين تلك القصيدة وتلك القصيدة.
قال لي أحد المتزوّجين مرّة: "الحياة طويلة فكيف بإمكاني أن أبقى مستقيما؟"
نعم الحياة طويلة، ستكونين وحيدة في أوقات كثيرة، والحياة عاهرة كبيرة لذلك ستضع في طريقك أنذالا أكثر من أيّامك التّعيسة، لهذا لا تسمحي لأحدٍ أن يقول عنكِ هامسا مسكينة. وسيقولون لكِ "عيشي حْياتك" تلك الحياة التي في تصوّرهم "حياة" وغايتهم أن تقعي في القاع الذي يسكنونه ثم يغسلون أياديهم أخيرا "فقد أكلوكِ وارتاحوا".
سيقولون عنكِ معقّدة إذا كنتِ متحفّظة، سيقولون عنكِ منطوية إذا كنتِ انتقائيّة في تعاملاتك، وسيقولون عنكِ سايْبة إذا كنتِ عفويّة. ستصادفين المرضى من كلّ نوع، ستُظلَمين، لأنّ الدنيا هكذا " أكثرهم الفاسقون" و"أكثرهم للحقّ كارهون" و"أكثرهم كاذبون" لهذا إذا كنتِ شاعرة "هجّالة" عليكِ أن تقوّي علاقتكِ بالله لأنّكِ بِه لن تكوني وحيدة وضعيفة، كوني معه ليكون معكِ ولا يغرّنك المدّعون والمستنيرون بالظّلمات. الرّجولة عمل شاقّ فلا تنتظري أن يكون العالم يعجّ بالرّجال والنّساء إنّها مهزلة كبيرة نعيش بداخلها ولن نصادف إلّا حفنة أخيار في مشوار الدّنيا بنت الكلب.
وتحمّلي، تحمّلي وسط هذه الحرب التّي تسمّى القدر، ففي النّهاية نحن كائنات مؤقّتة.
(هنا لا أتحدث عن نفسي، بل أقول بدل اللواتي لا يستطعن التعبير فأنا شرسة بما يكفي لأواجه العالم وحدي)
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق