#حالة_استعصاء_ثقافي_جزائرية

0

لعل أحد اعمق مشاكلنا الفكرية و الثقافية أننا وقعنا في حالة إستعصاء لا تضاهيها إلا حالة الإستعصاء الثقافي التي وقع فيها قوم نوح عليه السلام الذين قال فيهم ربنا سبحانه وتعالى "وما آمن معه إلا قليل" 950 سنة نوح عليه السلام يدعوهم و الإجابة شبه معدومة، تسعة قرون من الدعوة و الاحسان و الخطاب العقلي الموجّه للكائنات التي من المفروض أن تستجيب لخطاب المنطق ولكن كان رفضهم قاطع ورغم الرسالة السماوية والتأييد الرباني لنبيّه الكريم إلا أنهم أبوا إلا خسارا
تُرى هل فككنا هذه الحالة الثقافية التي عجز نوح عليه السلام عن ايجاد مداخل لها ؟ وهل نحن اليوم في هذا الزمن المتّسم بالتقدم في مختلف ميادين الحياة عصر التدفق المعرفي الذي يغزو كل المعمورة لازلنا نعيش حالة استعصاء ثقافي نرفض من يخالفنا المعتقد والرأي والتوجّه ؟ ماهذا البلَه الذي وصلنا إليه وما هذه الثقافة المنحطّة التي تكفّر و تزندق وترمي الآخر في عرضه وأصله وفصله لمجرد أنه رفض ديننا أو رفض أن يعترف بربنا عزّ وجل و المعضلة العويصة التي لم يفهمها المسلم اليوم للأسف الشديد أن الله تعالى كان يرسل رُسُلهُ الى الطُغاة والمتجبرين والمتألهين ويأمُرهم أن يقولوا لهم قولاً معروفاً قال تعالى "اذهب الى فرعون انّه طغى فقل له هل لك الى ان تزّكى ...." الآية
يبدو أننا فعلا في غالبية ثقتافتنا وموروثاتنا أصبحنا مسلمين لكن بفكر متوحش وبذهنية لا منطقية ولا رحيمة ولا تراعي حتى في المومنين إلا ولا ذمّة، إنه لمن العار واللاأخلاقي أن نمثّل ديننا بغير الخطاب المسؤول الواعي الذي يخاطب الألباب ويحسن للآخر ويتوجّه إليه بخطاب انساني رحيم يبيّن حجم طاقتنا الإبداعية في العمل الدعوي الذي يحترم الآخر في الإنسانية المشترك معنا في الشروط العامة للإنسانية، وإنه لوجب علينا وحُقّ لنا أن نتسائل من المسؤول عن توحيش الجزائري وتعنيف خطابه نحو الداخل و الخارج ومن المستفيد من هذا التعنيف ومن المستمتع حقاً بأن يصل المؤمن إلى هذا البعد اللاإنساني حتى لا أقول كلاماً آخر
وإنّه ليُخزنُني أن أرى الفرد الذي يدّعي الاسلام و يدّعي الإيمان أن يتوسّد الشعارات ويمضغ أذكار الصباح و المساء ويحرص قُبيل كل صلاة أن يفرش أسنانه بالسواك ولكن بمجرد ما أن يفرغ من آداء الحركات العاداتية يلقي بالأخلاق الاسلامية في مزبلة فكره البائس غير مراع للسنّة النبوية التي تحسن لليهودي كما تحسن للمسيحي بل ولا تعاديه لا من قريب ولا من بعيد وما جاء في جواهر سنّة نبينا صلى الله عليه وسلم أنّه كان دائم الإحسان لجاره اليهودي وحين طغت عشيرته ونزل الملك مخاطبا رسولنا الكريم "اذا شئت أُطبق عليهم الأخشبين = الجبلين" فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن قال "اللهم اهدي قومي بإنّهم لا يعلمون" نعم كانوا كفاراً وكان يدعوا لهم بالهداية بدل الهلاك فهل تعاملنا مع الآخر بهكذا منهج رباني نبوي يبدي الرحمة في جوهره وفي ظاهره وإنّك لعلى خلق عظيم يا حبيبنا يا رسول الله ولكننا ضيعنا الأمانة بسبب جهلنا وبسبب قلّة مرونة خطابنا الديني المتحجّر في بعض زواياه ولا يعطي للزمن خصوصيته ولا للتنوع طابعه 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم العبد الفقير للعلم | Ameur Said

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

إحصائيات المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

التسميات

فنون

تابعنا علي الفيس بوك

سينما

شائع هذا الأسبوع