الحديث عن الحرية حديث ذو شجون و سال و سيسيل فيه حبر كثير عبر الزمن الممتد من الماضي الى الحاضر مرور بالمستقبل، تجد المجتمع العربي يبني لك طريقا معبّد و محروساً من غير المعقول أن تتجاوزه و لا يصح أبدا التساهل اذا تجاووته ، فالكل يرسّم نفسه حارسا أمينا على مقدسات الشعوب و الكل يكون وصيا على الكل دون خلفية مقنعة ومن دون تفعيل لدور العقل و الاصاخة لنداء الذات العميقة التي لا تقبل كل شيئا و إن فعلت فقد أحالت ذاتها لمجرد معول يهدمها و يلغي خاصيتها الانسانية و يحيلها لصنم خاضع من دون ارادة مبررة ولا رغبة في تحرير الوعي النقدي المؤسس بداية على المحاكمات العقلية و المواجهة الفكرية و مضارعة الحجّة بالحجة و مجابهة الدليل بالدليل و بضرس قاطع يُفصل في القضايا فكرية تبريرياً ، فالحرية هنا تبقى مجرد بُنى هدمة للإنسان مغتصبة للكيان مرسّعة بآلاف التبريريات الساذجة التي أصبحت لا تصمد أبداً أمام الشباب المنفتح على الثقافات الأجنبية و الخطاب الثقافي اليوم بائس جدا لا يكاد يستمع إليه فاللغة اليوم في مراحلها المتأخرة تعيش في العصور الوسيطة الأوروبية و التفكير العربي الحين غير صريح لا يعبّر عن قناعات أصحابة في غالبه يجتاح السياسة و الاجتماع و النفس و الفلسفة من دون مقدمات ثابتة حتى اصبحت الحرية في اطار الاسلام مجرد اشعارات و بات الانسان يُعايش الكوارث الأخلاقية و الظلم و قلة الاهتمام بآراءه ولا يعار اي اهتمام من طرف من يحكمونه لا سيما في الأسرة الفرد اصبح مجرد رقم في سلسلة اقرب للحيوانية منها للتربية التي تسير وفق الحضارة فمتى أغتصبت الحرّيات ضاع الانسان و توغّلت الجواذب المادية الأرضية و قلّت نوازع الروح التي تتجاوز النزوات و تغتال الكبرياء الزائف غير المبرّر .
تحرير : عامر السعيد . موقع إبن فوغالة
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق