سلسلة "طيموشة" الجزائرية- مشكلة الاستنساخ وأسئلة الاحتراف ؟؟

0

حين نتكلم عن تناسخ السلسلات التلفزيونية، بمظهرها الرمضاني، لن نجد مثالاً حياً أفضل من سلسسة طيموشة الجزائرية، التي أخذت حرفياً، عن أجيال سابقة من هذا المسلسل لعل آخر جيل هو السلسة المصرية [هبة رِجل الغراب في أجزائها الأربعة]. التي شاهدها المتفرج العربي، بداية من جزئها الأول سنة: 2014. بينما تعد هذه السلسلة هي النسخة المصرية السلسلة الأمريكية [UGLY BETTY ]، بأجزائها الخمسة التي أنتجت سنة 2006. ويبدو أن السلسلة الأمريكية، مستنسخة بدورها عن سلسلة كولومبية سابقة (كنسخة أولية تبقى مفترضة دوماً باعتبارها الأصل) والملفت للانتباه أن السلسلة الأمريكية جاءت بالموضوع نفسه والعنوان نفسه، للسلسلة الكولومبية، [yo soy betty la fea]، ومن خلال عنوانيهما نكتشف بأن السلسلة الأمريكية، قد أخذت حتى اسم البطلة الكولومبية، وباسمها الإسبانو لاتيني [betty suarez]. وإليكم بعض التفاصيل عن السلالة الدرامية لطيموشة:
*-النسخة الأولى: الكولومبية- [Yo soy Betty la fea]:
وهي سلسلة بعنوان: [Yo soy Betty la fea] أنا بيتي البشعة، والتي بثت سنة 1999، بعدد حلقات بلغ 169، وهي إعادة كتابة سيناريستية لرواية قصيرة بالعنون نفسه كتبها للتلفزيون فيرناندو جيتان [Fernando Gaitan]، الذي صرح بدوره أنه ركز على البعد المتميز للفتاة البسيطة، وأنه تأثر بسندريلا، لكنه أرادها أن تكون سندريلا العصر الحالي التي أضاعت جمالها، بدل حذائها،
الاسم الحقيقي للفتاة الكولومبية البشعة هو الآنسة[أورورا بينزون سولانو Aurora Pinzon Solano] التي ينعتها زملاؤها في العمل، [بيتي البشعة Betty la Fea].
هكذا راحت بيتي أو الآنسة أورورا، تبحث عن بديله العاطفي الذي قادها إلى شركة لألبسة الموضى [Eco moda]، لتعشق مديرها، المتأنق الذي يبدو أجمل منها، بينما كل فتيات الشركة تطلب وده بتأنقهن، وهنا تبدأ بيتي البشعة في إبراز بيتي الجميلة فكراً وعقلاً ومهنية وشيطنة، وهي تخوض حربها ضد عالم الموضى والإيتيكيت الشكلي الذي تشتغل فيه، وتظهر به زميلاتها. إنها حرب عاطفية وذهنية، بين عالمين نقيضين، وبين نوعين من الجمال الشكلي الذي تشتغل به، والذهني الذي يشتغل فيها.. لتخلص بيتي القبيحة إلى نزوع شرير، يجعلها تتسبب في إفلاس الشركة، ثم إنقاذها، حيث تتلاعب وهي أبشع مخلوق في نظر زملاء عملها، بمصدر رزقهم، لتقول لهم في النهاية [أنا بيتي البشعة]، أي هاهي بيتي التي تنعتونها بالبشعة.. ماذا يمكنها أن تفعل بكم..
*-النسخة الثانية: الأمريكية: [UGLY BETTY ]:
وهي السلسلة الأمريكية الشهيرة بعنوان: [UGLY BETTY ]، وقد حافظت على العنوان الكولومبي نفسه، (بيتي البشعة) التسمية اللاتينية للبطلة [betty suarez]، لكن بمواسم متعددة، تطبعها الروح الكوميدية العاطفية الأمريكية السريعة.
ذات الخمسة مواسم، التي بثت في موسمها الأول بداية من سنة 2006، والسلسلة من بطولة الفنانة الأمريكية أمريكا فيريرا [َAmerica Ferrera]، وسيناريو وإخراج: المخرج والسيناريست الأميريكي ذو الأصول الكويتية: سيلفيو هورتا [Silvio Horta]، الذي وجد قبل أربعة أشهر منتحراً برصاصة في الرأس، في شقته بالفندق. ومساعدة الإخراج سلمى حايك.
تحكي سلسلة [UGLY BETTY ] أو (بيتي البشعة) عن الفتاة [بيتي سواريز] وهي فتاة بسيطة القوام والمظهر، من عائلة متوسطة، هذه الفتاة الذكية في عملها، تعمل في شركة لنشر وإشهار أدوات الموضى والأزياء، [Meade publications] التي تعكس عالماً مشبعاً بالمظاهر، مثلما يعكسه تأنق زميلاتها في العمل، لكن [بيتي سواريز]، تظهر وسطهن بمظهرها البليد والأبله، والتي لا تبالي بمطهرها وأنوثتها، أمام الآخرين، بسلوكاتها التلقائية والساذجة، والمتهورة في كثير من الأحيان، وهو مظهرها السلوكي والشكلي الذي لازمها في جميع حلقات المسلسل. لكن ذكاءها في العمل جعلها تحتل منصب مساعدة المدير [دانيال Daliel]
تقع [بيتي سواريز] في حب رب عملها، ومدير شركة الموضى والأزياء التي تشتغل بها، والذي يسمى [دانيال]، هذا الأخير الذي يدفعها إلى ارتكاب أخطاء مهنية مقصودة، من أجل إرضائه، تؤدي هذه المخالفات والتزوير في الفواتير والوثائق، إلى إلحاق أضرار جسيمة بالشركة تصل بها حد الإفلاس، تنتهي هذه الأحداث باستقالة مدير الشركة [دانيال]. فيما يتم ترشيح هذه الفتاة [هبة] لإدراة الشركة من أجل إنقاذ الجميع. وهي التي كانت تدير الشركة بأفكارها من قبل بكل تفاني ونكران الذات، مما يثبت سذاجتها وبلاهتها واستغلال أرباب الشركة لقدراتها العبقرية في التسيير.. لتصير هنا عكس نظريتها الكولومبية. فهي ضحية نظام رأسمالي، وظفها واستهلكها، وبقيت طيبة ساذجة، وليست تلك التي تنتقم لعقدة بشاعتها. كما في النسخة الكولمبية.
*- النسخة الثالثة: (هبة رِجل الغراب المصرية):
وهي السلسلة الشهير بعنوان: "هبة رجل الغرب" سلسلة من 180 حلقة في الأصل، بثت منها على أربع أجزاء حوالي 165 على شبكة قنوات Cbc، و Mbc.
وهي سلسة من إخراج، رامي رزق الله، وسيناريو شريف بدر الدين. أسندت بطولة الجزئين الأول والثاني للفنانة: إيمي سمير غانم، والجزئين الثالث والرابع انسحبت هذه الأخيرة، وعوضتها الفنانة: ناهد السباعي.
تحكي أطوار السلسلة عن الفتاة [هبة] وهي فتاة بسيطة القوام والمظهر، من عائلة متوسطة، هذه الفتاة الذكية في عملها، تشتغل في تعمل في شركة لنشر وإشهار أدوات الموضى والأزياء، [إيكو مودا- Eco mode] والأزياء، التي تعكس عالماً مشبعاً بالمظاهر، مثلما يعكسه تأنق زميلاتها في العمل، لكن [هبة رِجل الغراب]، تظهر وسطهن بمظهرها البليد والأبله، والتي لا تبالي بمظهرها وأنوثتها، أمام الآخرين، وذات السلوكات المتبهللة والساذجة الساذجة، والمتهورة في كثير من الأحيان، وهو مظهرها السلوكي والشكلي الذي لازمها في جميع حلقات المسلسل، لكن ذكاءها في العمل جعلها تحتل منصب مساعدة المدير. [أدهم].
تقع [هبة] في حب رب عملها، ومدير شركة الموضى والأزياء [أدهم]، هذا الأخير الذي يدفعها إلى ارتكاب أخطاء مهنية مقصودة، من أجل إرضائه، تؤدي هذه المخالفات والتزوير في الوثائق والفواتير، إلى إلحاق أضرار جسيمة بالشركة تصل بها حد الإفلاس، تنتهي هذه الأحداث باستقالة مدير الشركة [أدهم]. فيما يتم ترشيح هذه الفتاة لإدراة الشركة من أجل إنقاذ الجميع... وهي التي كانت تدير الشركة بأفكارها من قبل بكل تفاني ونكران الذات، مما يثبت سذاجتها وبلاهتها واستغلال أرباب الشركة لقدراتها العبقرية في التسيير.
وتعد هذه سلسلة [هبة رِجل الغراب] هي النسخة المصرية من السلسلة الأمريكية الشهيرة [UGLY BETTY ]، لكن المميز في النسخة المصرية أنها عمل انتساخ تام يبدو وكأنه جاء وفق عقد توافقي لتكون نسخة أمريكية بلسان مصري، لا نسخة عربية، للفتاة بيتي البشعة.
*-النسخة الرابعةالجزائرية: (طيموشة):
إنتاج التلفزيون الجزائري 2020، إخراج يحي مزاحم، اقتباس سارة برتيمة، بطولة مينة لشطر، وهي نسخة مطابقة لكل ما قلناه خاصة في النسختين الأمريكية والمصرية، فتاة جزائرية بسيطة الهندام، ساذجة الطبع مندفعة وبهلولة، اسمها: آنسة عنباوي، وينادونها في البيت: طيموشة. فتاة أقرب إلى الرجولة والفتوة منها إلى الأنوثة. لا تأبه بتعليقات زملاءها لكنها تحسب ألف حساب بتقييمها من طرف مديرها أمين في شركة [DATA.COM]، طبعاً الشركة للموضى والإيتكيت، كسابقاتها، بشاعة طيموشة في مقابل الجمال الشكلي لزميلاتها في الشركة. الروح المرحة لطيموشة، تجعلها متهورة ومنبوذة من زملائها في، ومقبولة وقريبة من طرف المشاهد.
*- حضور الفضاء/ غياب البروكسيما:
يحضر الفضاء المركزي لشركة الموضى والإيتيكيت [DATA.COM]، لكنه حضور شكلي وليس درامياً، بمعنى إن الحضور الشكلي للمكان في غياب العلاقات المكانية للشخصيات بافضاء، يلغي قيمته الدرامية. إذ تبدو جميع الشخصيات عديمة العلاقة بماهية هذه المهنة التي يشتغلونها، والغائب الرئيسي هو العلاقات المكانية (البروكسيمية/ البروكسيما)، يعني النموذج البشري الذي يعطي مفهوماً تفاعلياً وقيمياً للمكان، كفضاء للتعايش المشترك للشخصيات. وهذا ما نفتقده، حتى في الاجتماعات الدورية لمسؤولي الشركة لا يتكلمون بمفهوم مهني ووظيفي بل تجدهم يخوضون في مواضيع لا علاقة لها بذلك المكان، كالعلاقات الأسرية، والتاريخ، والمناوشات، والتعاليق على بعضهم، وهذا ضعف في السيناريو الذي أدخل شخصياته إلى فضاء مهني بقي مجهولاً لدى الجميع، حتى من طرف العمال. وهذا ما نجحت فيه بقية الطبعات اللاتينية والأمريكية والمصرية، وفشلت فيه الطبعة الجزائرية، لعدم البحث في مهنية الشخصيات وعلاقاتها بالمكان الرئيسي الذي صار هامشياً وهمش معه جميع الشخصيات المتحركة فيه بما فهيم طيموشة التي من المفروض أنها أعرف الجميع بمهنية الشركة لكنها لا تقدم شيئاً للمشاهد عن علاقتها بذلك المكان الذي تخلى عنه الجميع بداية من السيناريست الذي قتل المكان فتفككت جميع علاقاته بالشخصيات.
*-البطولة:
ليس ضرورياً من أجل صناعة بطل مركزي، أن تضعف بقية الشخصيات التي من حوله. وتقزيم دورها، حتى أن جميع الشخصيات في أغلب مشاهد السلسلة الجزائرية، تضحى متفرجة على ابشخصية الرئيسية، طيموشة حين تبدأ بالحركة والكلام. فيخرسون ويشدون إليها الأنظار مشدوهين، وكأنهم متفرجون مرافقون لها. وهذا العامل أضعف فريق التمثيل ولم يزد من قيمة البطلة التي ارتكز دورها على المحاكاة بدل ابتداع المواقف، لأن مفهوم البطولة يصنعه تفاعل الفريق، وليس ابتعادهم عن البطل وتركه في عزف منفرد. كما أظهرته طيموشة.
*- استفهامات؟
إن الموضوع المثير هنا، هو لا يتعلق بسرقة أو انتحال، بل باستنساخ درامي، ومعروف في هذه الحالة، أن يأخذ المنتج المستنسخ مكانته ضمة سلسلة الأعمال المستنسخة للأصل لغايات إحصائية وأمانة فنية. كما تم بالنسبة لتسعين دولة في العالم، لكي يتجنب انهيار جهده أمام المتابعين، حين يكتشفون النسخة غير المصر بها. وهو ما فعلته الشركة المنتجة المصرية التي أقر أكثر من طرف في فريق العمل بأن سلسلتها هذه مستنسخة من السلسلة الأمريكية الشهيرة.
- لكن السؤال المطروح، وأمام هذا الاستنساخ في موضوع المسلسل، وتأثيثه الفضائي والشخوصي الذي وصل حد، نحت أزياء ومكياج الشخصيات ونوعية شركة العمل، الحياة الشخصية للشخصيات، بشكل حرفي عن السلسلتين المصرية والأمريكية.. فهل تم هذا الاستنساخ وفق تقاليد احترافية باتفاقيات إنتاج دولية، مع المنتجين الأصليين للطبعات الكولومبية والأمريكية والمصرية ؟ السابقة عليها، والمعروفة لدى الجميع.. وإن حدث لماذا لم يتم التصريح به في ومضات تقديم الفيلم أو محتوى جنريكه؟.. وإن لم يحدث ذلك فنحن هنا لسنا أمام استنساخ بل أمام فصل حزين آخر من فصول الدراما الجزائرية.
- هل الجزائر محتسبة ضمن التسعة والتسعين دولة التي دخلتها هذه السلسلة في العالم، كاقتباس؟
- هل الجزائر محتسبة في رصيد هذه السلسلة ضمن ال 22 نسخة سيناريو مسجلة لهذه السلسلة عبر العالم؟
- هل يتم استنساخ الأعمال الدرامية في العالم بطريقة نسخ لصق. وكأنه ملك مشاع ؟؟ وهل يقبل عدم التصريح بالمواليد الدرامية في ورقة الفيلم المقدمة للجمهور المشاهد؟
- ونحن نسمع بجزء ثان للسلسلة الجزائرية طيموشة، هل ستكون نسخة شرعية من نظيراتها السابقة الذكر، أم أننا سنشهد هبة نوعية كالتي قامت بها الدول التي جددت في محتواها.
*- الظاهرة الدرامية، وبعض الأرقام.
والأن وقد بثت منها نسخاً دخلت إحصائياً، إلى حوالي 90 دولة.. وتم تثبيت إحصاء إعادة كتابتها في 22 سيناريو عبر العالم، وب 15 لغة.
كما دخلت السلسلة موسوعة غينيس للأرقام القياسية سنة 2010، باعتبارها السلسلة القصيرة الأكثر مشاهدة في تاريخ التلفزيون. بل صارت بيتي ظاهرة عشقية مرضية بين الأمم سميت نفسياً بال بيتي مانيا (betty-mania)، لكن هذه التسعين دولة موثقة بعقود احترافية، لذلك دخلت إحصاءات في رصيد السلسلة الأم.
كما علينا أن نقر باكتشاف أن هناك طبعات محلية تحيا في ظل الدراما الموثقة في السجلات العالمية.. دراما محلية مستنسخة للظاهرة البيتية(غير مصرح بها). التي صارت في بعض البلاد طيموشة، دون ذكر أصولها وسلالتها الجنوب أمريكية.. التي هي في الأصل سندريلاً مقلوبة من وحي الأدب العالمي.. تلك السندريلا التي تم العثور على حذائها في مختلف أقطار العالم، ولغاته، ونجحت في استكمال مشوار نجاحها كابنة شرعية لبيتي البشعة الجنوب أمريكية، والشمال أمريكية، وحتى في نسختها الأمريكو مصرية، لكنها كشمال إفريقية أضاعت حذاء الاحتراف كونها رفضت أن تكون شرعية المنبت لا لاتينية ولا أمريكية، ولا مصرية، وفضلت أن تكون وليدة درامية غير شرعية، (غير مصرح بها في سجلات الميلاد والتناسل العالمية) بينما الكل يعرف من هي عائلتها وسلالتها وأصولها.. وهكذا يبقى الإصرار على المحلية غير المصرح بها، رهان الدراما الجزائرية حتى إن كان العمل مستنسخاً من أعمال عالمية قد نكون الدولة المائة التي تستنسخه، دون تصريح ولا عثور على حذاء لسندريلا الطيموشية. يرسي المسار الدرامي العشوائي (الذي لا يزال يقتات على الاستنساخ غير الشرعي ليصنع منه نجاحه) إلى بر الاحتراف والنجاح. آمين.
--------------
ملاحظة: إن نسخ ولصق بعض مقاطع الوصف في هذا المقال أمر متعمد، نظراً لأن العمل الدرامي نفسه منسوخا بطريقة طبع قالب الحلوى بما يقارب ال80٪؜ من شكله ومحتواه.
الناقد الجزائري محمد الامين بحري . جامعة بسكرة

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

إحصائيات المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

التسميات

فنون

تابعنا علي الفيس بوك

سينما

شائع هذا الأسبوع