مخاطر الحب وكيف تتحول الحياة النفسية غير المتوازنة بعد الفراق

0
اكتئاب .. انتحار ، جنون ، طعنة بسكين ، هروب من المنزل ، قتل متعمد ، غيرة ، خيانة ، تتعدد المشاهد .. والموت واحد ، الضحية دائما قلب مكسور .. يتأرجح بين تيارات الحب ..اخبار متنوعة تطالعنا بها الصحف

، تكشف عن جرائم ترتكب بكل بساطة .. جرائم اداة تنفيذها الحقيقية هو الحب ، فمتى يكون الحب قاتلا ؟ ، ومتى تتحول حياة العاشقين الى جحيم ؟ ومتى يتحول الحب الى مرض ؟ هذه الاستفهامات نجيب عليها عبر السطور المقبلة .
مع سبق الاصرار
(من الحب ما قتل ) .. مثل قديم ، يتداوله العشاق ، وكذلك اولئك الذين يرثون لحال العشاق ، او يسخرون منهم ، لكن ما لم يكن في الحسبان هو ان تثبت صحة هذه المقولة ، عدد كبير من العشاق ، من بينهم ( م) شاب في الخامسة والثلاثين من العمر ، جمعت بينه وابنة خالته (ن ) قصة غرام كان يتحاكى بها حتى الاطفال باحدى مدن امدرمان العريقة ، حبه الشديد لابنة خالته ، حوله لعبد خلق لتلبية طلباتها ، والعمل على اسعادها بكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة ،ولا ينتظر مقابلاً ، كان يعمل المستحيل لكي لا يفقدها ، امتدت العلاقة لسنوات ، توجها بالخطوبة ، ارتفعت وتيرة الحب عنده ،بعد التحاق (ن) بالجامعة واختلاطها بالزملاء الذين كانوا يزورون اسرتها للتعرف عليهم ، وبدأت خلايا الغيرة تنتشر بداخله ، فاصبح يلاحقها في الجامعة ، و اي مكان تذهب اليه ، ويمارس اسلوب المراقبة بشكل غريب ، لم يرق لـ(ن) ذلك التصرف ، فإشتكت لوالدتها ، ولكن الحديث لم يجدِ نفعا معه، في ظل معاناة (م) ، وسعيه لامتلاك حبيبته ، كانت هناك عملية انفصال تخطط لها الام ،بعد ظهور ابن صديقتها المغترب ، فهي تريد لابنتها حياة افضل ، ووظيفة ابن شقيقتها لم تكن ترضي الطموح ، سارت الخطة في الاتجاه الذي ترمي له الام ، وبظهور الطرف الثالث على الخط ، قررت (ن) فسخ الخطوبة وانهاء العلاقة ، فطلبت من (م ) الحضور الى منزل اسرتها ، لمناقشة بعض الامور ، جاء وفي نيته تحديد موعد الزواج ، لكنه تفاجأ باتفاق الاسرة وخطيبته على الابتعاد ، لأنه ليس الشخص المناسب ، كسر الحديث الذي دار بينهم قلبه فخرج من منزل محبوبته يصحبه شعور مؤلم ، فاختل توازنه واضطربت شخصيته وحياته الوجدانية ، بعد ايام علم بوجود طرف ثالث من والدته ، فقرر انهاء كل شيء ، فذهب الى منزل خالته وطلب الاجتماع بهم ، وبحضور أفراد الاسرة قام بتسديد ست طعنات لـ(ن) اردتها قتيلة ، من ثم سلم نفسه للشرطة ، ولكن قبل النطق بالحكم ، شرع في الانتحار.
براءة واتهام
الحب جميل .. لكن قد يكون قاتلا .. سؤال طرحناه على عدد من الفئات ، بعضهم استبعد ان يكون الحب قاتلاً ، والبعض الآخر اكد على انه يتسبب في تغيير الحالة النفسية للعشاق ، اذا كان هناك شعور بالفراق ففي هذه الحالة يتحول الى اداة جريمة ، مشيرين الى ان الحب لا يعرف القيود والحرمان ، فاذا احاطت به تلك العناصر فانه يهرب بعيدا وهذا الامر ينطبق على بعض الفتيات اللاتي يهربن من اسرهن للعيش مع الحبيب ، (ماجد الزبير ، عماد بخيت ، امل الطاهر ) ، طلاب هندسة جامعة السودان ، قالوا : الحب لا يقتل بل على العكس من ذلك فهو يؤدي الى التوافق على التنازلات ، وعزوا الجرائم التي يتم ارتكابها باسم الحب ، الى حالات مرضية اخرى مثل الضغينة والكراهية والانتقام ، مؤكدين براءة الحب الذي وصفوه بريشة فنان تدغدغ القلوب ، ولا تشوهها ، ولكن (سلمى احمد ، منار عباس ) طالبات بجامعة النيلين كلية الآداب ، اكدن وجود شوائب تعكر صفو الحب ، فتغير مساره بالتالي تحوله الى احساس يضر بصحة العاشقين ، ويسيطر على افكارهم خاصة اذا ظهر الخطر الذي يهدد العلاقة العاطفية ، واكدن ان الحب تسبب في مشاكل اسرية كثيرة يحكي بها البعض ، كما انه قد يؤدي الى الانتحار ، والنحافة ومشاكل اخرى عضوية ونفسية لا حدود لها والسبب هو سيطرة العشق على العقول ، وشددن على وجود اسباب مباشرة تحول علاقات حب الى حقد وانتقام وانتهاء بعضها بجرائم بشعة .
ظاهرة انسانية
الحب ظاهرة انسانية لها وجود فعلي على مستوى الوجدان ، بحيث يشكل حقيقة سيكولوجية ، كما يرى د.(طارق عبد المنعم) ، استشاري علم النفس واستاذ متعاون في عدد من الجامعات ، مشيرا الى ان الجرائم او المشاكل التي يكون الحب سببا مباشرا في وقوعها ، ناتجة عن تفاعل عشق الحبيب لمجموعة خصائص جسدية او مزاجية او سلوكية لا يجدها عند الآخرين ، بمعنى لا يتولد الحب الا عندما تكون لدى الحبيب قيمة يضيفها على الحبيب ، ويضيف : ان الغرام يولد عدم الرضا عن الذات لا شعورياً ، والذي يولد حالات انفعالية في اللا شعور ، فتسبق مرحلة الحب العشقي كالقلق والفزع والاستياء ، وقد يصل الحب في بعض الاحيان الى كره الذات ، ويتعب ويشقي من الاستمرار في البقاء اي الاستمرار في ان يكون هو وان يبقى هو أناه الذي يشكله ، وقرب الحبيب يولد الشعور بالسعادة والاعتزاز بالنفس في كون الآخر اصبح يملك ما لم يكن يملكه في السابق .. ونتيجة خوفه من فقدانه يتعلق الشخص بمحبوبه .
اتفقت : ( سلوى الامين ) استشاري علم النفس جامعة الاحفاد ، مع الرأي السابق ، مشيرة الى ان وجود لحظات التوتر والخصام بين الشخص ومحبوبه ، تقلل من القيمة المعنوية للعشاق ، وقرار الانفصال من طرف واحد يولد الاحساس بالانتقام ، فيقدم المحبوب على قتل محبوبه بسبب شدة الحب له ، او يشرع في الانتحار حتى لا يتألم ببعد حبيبه عنه , داعية الى ضرورة اخضاع ظاهرة الحب والمشاكل الناتجة عنها للدراسات الفعلية .
فيما اشارت: الدكتورة ( نعمات الزين ) علم اجتماع جامعة الخرطوم ، الى ارتفاع حجم الجرائم التي ترتكب باسم الحب ، والتي زادت عن ( 159) جريمة قتل ، انتحار و تشويه ، او الاصابة بالجنون ، وغيرها ، خلال العام الماضي بولاية الخرطوم فقط ، مما جعلها تجري بحوثاً حول ظاهرة الحب والمشاكل التي تتسبب فيها وخلصت دراستها الى ان آلام الحب تتشابه مع اي مرض عضوي ، بل انها قد تقود الى الموت احيانا ، وقد تؤدي للاصابة بمرض في القلب ، بسبب فقدان الحبيب او تجاهله للآخر ، وعزت اسباب الاختلال والتوازن في المشاعر التي تحول الحب الى انتقام او الى حالة تبحث عن الامان ، ان العاشق يفكر بعواطفه ، ليس بقلبه ، بالتالي نجد الفتاة تهرب من اسرتها اذا رفضوا من تحب ، واخرى تنتحر لفقدها الحبيب وآخر يقتل او يشوه حبيبته لنيتها الابتعاد عنه ، وعزت ذلك الى التنشئة وضعف الايمان ، وعدم تقبل النصائح من الغير ، داعية الى ضرورة تحكيم العقل قبل القلب في اتخاذ اي قرار بشأن الحب حتى لا يفقد الحب نفسه .


تحقيق : انتصار فضل الله:

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

إحصائيات المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

التسميات

فنون

تابعنا علي الفيس بوك

سينما

شائع هذا الأسبوع