مقالة حفيظ دراجي حول انعكاسات خسارة الجزائر امام بلجيكا على الصعيد الكروي والاتماعي

0
 جعلنا من المنتخب "غولا" قد يأكل كل شيء
المتتبع لردود الفعل التي أعقبت تعثر المنتخب الجزائري أمام بلجيكا في خرجته الأولى في المونديال والأرواح التي سقطت حزنا على الهزيمة، والنفوس التي بكت من شدة الحسرة وانهارت معنوياتها، وكل التحاليل والتعاليق الناقمة على الجزائر ومنتخبها وطاقمها ولاعبيها يدرك مدى خطورة تعاطي الكثير من الجزائريين مع لعبة كرة القدم ومنتخب بلادهم الذي تحول في ظرف وجيز إلى ظاهرة اجتماعية بالغة الخطورة تستوجب الوقوف عندها وإعادتها إلى حجمها الحقيقي ونطاقها الرياضي والترفيهي وإلا كانت العواقب وخيمة على ابنائنا ومجتمعنا..
عندما يموت المناصرون بسكتة قلبية من شدة الفرحة بالتأهل، أو الحزن بسبب إقصاء المنتخب، ويبكي الصغار والكبار بمجرد خسارة المنتخب أمام أحد أحسن المنتخبات في العالم، وقد تنهار المعنويات ويعم اليأس والحزن النفوس بسبب خروجنا من الدور الأول، أو قد يصل بهم الفرح بالفوز والتأهل الى الدور الثاني درجة جنون العظمة.. حينذاك يفرض الموضوع نفسه ويصبح التعلق بالمنتخب مشكلة عويصة تستوقفنا كلنا لكي نعيد النظر في التعاطي مع نتائج المنتخب ونبحث عن بدائل أخرى فكرية وثقافية وحضارية نجتهد ونتألق فيها ونعبر من خلالها عن تعلقنا بوطننا..
إسبانيا بطلة العالم خرجت في الدور الأول وبنتائج هزيلة وغير متوقعه، وإنجلترا معقل كرة القدم مسها الإقصاء، وقبلهما غادرت الكاميرون واستراليا، دون نسيان خسارة البرتغال برباعية أمام ألمانيا، وقد تخرج من المنافسة مثلما ستخرج نصف المنتخبات المشاركة في المونديال بعد أسبوع من الآن، لكن رغم هذه الهزات الكروية التي زلزلت ثبات بعض المنتخبات لن تتوقف الأرض عن الدوران وستستمر الحياة بحلاوتها ومرها، لتبقى كرة القدم في مكانها الطبيعي مجرد لعبة نستمتع بها وما تفرزه مبارياتها عوض إستغلالها للتغطية على إخفاقاتنا المتكررة في الكرة وفي مجالات أخرى أهم من جلد منفوخ وأهم من المنتخب، لكن الغريب أن لا أحد يتألم لغير الكرة أو يبكي دونها أو يموت بسببها!!
اليوم سنواجه كوريا الجنوبية في المباراة الثانية وقد نفوز أو نخسر، ولكن فوزنا لا يعني بأن المدرب كفء، ولا المنتخب قوي ومنظومتنا الرياضية سليمة، ولا يعني بأن الجزائر بلغت درجة عالية من الرقي والتقدم!! كما أن خسارتنا لا تعني بأن كل شيء رديء وسيء في المنتخب، وخسارة المنتخب أيضا لا تعني خسارة وإخفاق الجزائر كلها، لأن الاهتمام بالوطن كل لا يتجزأ، فأرواح أبنائنا ونفوسهم أغلى من أن تتألم وتتحسر بسبب خسارة في كأس العالم..
الحياة في الجزائر متوقفة هذا الأيام والكل يترقب التعثر أو التأهل ليبيع الوهم في حال النجاح أو لتسويق لليأس في حالة التعثر دون وعي بخطورة الإفراط في استغلال الكرة ونتائج المنتخب الذي جعلنا منه غولا قد يأتي على ما تبقى من أشياء جميلة في هذا الوطن تستحق أن نعتني بها ونستثمر فيها لبناء جيل يحب وطنه دائما وليس ظرفيا وفي كل المجالات وليس في مباريات المنتخب فقط، وإذا لم يعد بمقدورنا أن نترك أثرا جميلا في القلوب والنفوس فلا نتجنى على أتنفسنا وعلى أبنائنا وقبل ذلك على وطننا بزرع الألم واليأس الذي من المؤكد أن يكون حصادهما فسادا بل دمارا..
derradjih@gmail.com
حفيظ دراجي

شارك الموضوع ليستفيد الجميع   وشكرا 

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

إحصائيات المدونة

  • عدد المواضيع :

  • عدد التعليقات :

  • عدد المشاهدات :

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

التسميات

فنون

تابعنا علي الفيس بوك

سينما

شائع هذا الأسبوع