يصلني تقريرٌ أسبوعي عن مدوّنتي: عدد الزيارات، دول إقامة الزائرين، وغيرها من البيانات المعلوماتية. الجزء الذي أخشاه أسبوعياً، هو الجزء المخصص لأبرز كلمات البحث التي استخدمها الزائرون، والتي قادتهم في نهاية المطاف إلى مدوّنتي، وذلك طبعاً بسبب ترابط كلمات البحث بكلماتٍ استخدمتها.
وعلى الرغم من احترامي الفائق للاهتمامات الشخصية لكل مستخدم انترنت، لكن، لا يمكنني سوى، على الأقل، أن استغرب من تكرار هذه الاهتمامات.. والتي تتنوّع بين البحث عن عاهرة، والتساؤل عن كيفية رصد العاهرة، والتساؤل عن كيفية البت في الشكوك حول عهر أختٍ أو زوجة، والتساؤل عن كيفية ممارسة الجنس مع عاهرة..
لكن منذ بداية العام تقريباً، من العبارات المتكرّرة، "أريد أن أغتصب عاهرة"، "كيف أغتصب عاهرة"، "اغتصاب عاهرات"، "أتقبل العاهرة أن أغتصبها؟"..
فلنحلّ مسألة السؤال الأخير، لبساطته.. الجواب قانوني، عزيزي الباحث: القبول يلغي فعل الاغتصاب. فإما تريد أن تغتصب، وإما تريد القبول، لا يمكنك الحصول على الاثنين!!..
ألهذا يتفشّى الاغتصاب والتحرّش في مجتمعاتنا؟ لأنهم لا يدركون الفرق بين القبول والرفض؟
عبارة بحثٍ أخرى هذا الأسبوع: "اغتصبوني، وجعلوني عاهرة، ماذا أفعل؟"..
صمت..
ثم صمت..
ثم صمت، وغضب!!
عزيزتي، هم لم يفعلوا منك عاهرة.. فالعهر هم، وليس أنتِ! أعتذر منك سيّدتي عن هذا المجتمع الذي ينتهك حرمتك، ثم يُشعرك بالخزي.. أعتذر منك عن الشعور بالذنب الذي يجتاحك وأنتِ الضحية.. أعتذر منك عن هذه الحيرة في أمرك التي تعيشينها.. أنتِ التي تخشين الآن حتماً من أنّ حياتك انتهت.. أعتذر منك عن هذا المجتمع الذي خذلك بالأمس، ويخذلك اليوم، وسيخذلك غداً.. فهو يتركهم طليقين، يحكمون عليك كيفما شاؤوا، ويقررون مصيرك كيفما شاؤوا!
هل من اغتصب هذه الفتاة بحث قبل ارتكابه لفعلته، على محرّك البحث غوغل، ليتأكّد من أنّها تستوفي شروط الاغتصاب بنظره؟
وما هي شروط الاغتصاب؟ كيف ترصد أنّ فتاةً عاهرة؟ وكيف تقرر، أنّها بحكم عهرها تستحق الاغتصاب؟ وماذا يجيب غوغل عن هذه الأسئلة؟
وماذا بعد تصفّح صفحات الانترنت؟ هل أصدّق الرواية التي يبدوة وكأنّها تتشكّل عبر كلمات البحث التي تصلني أسبوعياً في التقرير؟ قبل عامٍ بحث عن عاهرة، ثم بحث عن سبل التأكّد من أن الفتاة عاهرة، ثم بحث عن كيفية اغتصابها.. ثم أتت هي لتشكي ما جرى لها.. قصةٌ كاملة.. تُروى ببضع جمل..
كلماتٌ قليلة.. قليلة جداً! لحكايةٍ تدوم منذ زمن طويل، ولا تبدو نهايتها قريبة..
سلسلة ملاحظات:
1- الاغتصاب ليس مبرراً بنظري على الإطلاق
2- تصنيف أي أنثى كانت بعاهرة ليس مبرراً بنظري على الإطلاق
3- إذا كان المقصود بائعات الهوى، فهنّ يقدّمن خدماتهنّ مقابلَ مبلغٍ مالي، الاغتصاب ليس وسيلة دفع! اقتضى التنويه.
1- الاغتصاب ليس مبرراً بنظري على الإطلاق
2- تصنيف أي أنثى كانت بعاهرة ليس مبرراً بنظري على الإطلاق
3- إذا كان المقصود بائعات الهوى، فهنّ يقدّمن خدماتهنّ مقابلَ مبلغٍ مالي، الاغتصاب ليس وسيلة دفع! اقتضى التنويه.
4- أتحمّل كامل المسؤولية عن العبارات التي استخدمها، والتي ليست سوى انعكاسٍ لما يجري في مجتمعاتنا، فمتى تتحمّلون مسؤولية أفعالكم؟
الكاتبة روعة كلسينا صحافية في قسمي التلفزيون والانترنت في فرانس 24
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق